مهما واجه رامز جلال من هجوم ضارٍ، فهو لا يزال على مدى سبع سنوات يحتل المقدمة فى تحقيق كثافة المشاهدة الرمضانية مصريا وعربيا، أظنه سيواصل احتلال تلك المكانة فى القادم من السنوات، ربما تصل إلى عشر، وبعدها يتغير مزاج الناس أو تطرح (الميديا) نوعاً آخر من المقالب أشد ضراوة، ليس هذا هو منتهى طموح رامز، كثيرا ما يتأهب لمعركة ثأرية على ملعب الشاشة الكبيرة، فهو من جيل السقا وحلمى فى معهد المسرح، وكل منهما حقق فى مجاله القمة الفنية والرقمية، السقا (جان) وحلمى (كوميديان)، فأين إذن رامز؟، هو يرنو بالطبع للبطولة، وحصل على العديد من الفرص قبل وبعد برنامجه التليفزيونى، إلا أنه كثيرا ما يُخفق، العام الماضى عرض له (كُنغر حبنا) وكأن فيلما لم يكن، رامز ينزل لرقعة التمثيل بنفس أسلحته التى نراه فيها على الشاشة الصغيرة، فهو الشاب خفيف الظل المتخصص فى تدبير مقالب لزملائه، هذا هو تحديدا ما ينبغى له أن ينساه، أول درس فى معهد المسرح يتلقاه الطالب، أن يترك شخصيته الحقيقية على باب الاستديو.
(رغدة متوحشة) يقف فى منطقة متوسطة، امتداد لحالة التخفى التى يجيدها رامز، وهو ما استقر عليه الكاتب لؤى السيد والمخرج الجديد محمود كريم، وكريم بالمناسبة لديه بذرة من الممكن أن تنضج فى مجال الكوميديا.
الفيلم وبرغم كل عيوبه أفضل الأفلام الكوميدية هذا الموسم المضروب أصلا، من الممكن أن تجد شيئا تضحك منه، موقفا أو قفشة، لا أتحدث عن الفن، بعد أن تقلص الطموح وصار لا يتجاوز العثور على ضحكة شاردة، رامز برغم ما يصدره لنا كصورة ذهنية باعتباره الشاب الذى يفرد ذراعيه للحياة، ولا يدرى أين الاتجاه، إلا أن الخطوة القادمة تؤرقه، فهو حريص على أن يرى اسمه متصدرا الأفيش.
يبدو أنه أيقن أن الأمر لن يستقيم إلا إذا كنا بصدد فيلم يحاكى البرنامج، فجاء الشريط وكأنه فيلم إلا كثيرا، وبرنامج مقالب إلا قليلا، فى تلك المساحة شاهدنا (رغدة متوحشة) اختيار العنوان تنويعة على (رغبة متوحشة) فيلم بطولة نادية الجندى قدمته قبل نحو ربع قرن، رامز فى الأحداث يعمل فى أحد مراكز التجميل، وهو مطلق ولديه طفل ويعيش فى ضائقة مالية، وهكذا من الممكن أن يلعب دور امرأة، وتبدأ المفارقة عندما يجد بيومى فؤاد، الذى يؤدى دور المخرج، فى ملامحه فرصة لتقديم حملة إعلانية ضد التحرش، ويقترب من ريهام حجاج، مساعدة المخرج، أم ومطلقة أيضا، ليصبح اللقاء حتميا بينهما، ومع الوصول لـ(تتر) النهاية يرتدى رامز للمرة الثانية هذه المرة مكياج وماسك الأب، جاءت القفلة فاترة ومتراجعة على مستوى الضحك، الدويتو الذى قدمه انتصار وأحمد فتحى حقق نجاحا موازيا فى مشاهدهما مع رامز، أجد فى فتحى قدرا من التلقائية يتيح له مساحات
لبث البهجة.
نعم هو الفيلم الذى من الممكن أن يحقق بين الحين والآخر ضحكة فى زمن سينمائى عز فيه الضحك، لأنه قائم على قانون المفارقة الدرامية، حيث يدرك المشاهد كل شىء بينما الخدعة للبطل أو البطلة، نجح رامز على (الحُركرك)، فهو ليمونة فى سوق ثمارها معطوبة، إذا أراد رامز مواصلة الحضور مجددا على الشاشة الكبيرة عليه أن يلعب بورقة أخرى غير لعبة التخفى التى وصلت لحالة من التشبع مع الجمهور، بعد أن تم (تدويرها) سينمائيا عشرات المرات!!.