ينفع يتقال عليا كليشيه الواد اللي من يومه عاوز يكون فنان، فأنا كنت طفلاً اسعد فسحة ليه هي السينما، و حافظ حوارات الأفلام و كل الأغاني، و باسمع تيترات فوازير رمضان من تالت يوم، و كل الجو ده. و ابداً لم احلم بدراسة شئ سوا السينما و لم اتمني ان أكون طبيباً او مهندساً، و لكن سينمائيا و لا شئ غير سينمائي. و ابويا رحمة الله عليه كان هو أيضاً كليشيه الأب اللي بيسخر و يستخف بابنه لما يقوله عايز ادرس سينما و قالي الجملة الشهيرة : خد شهادتك الاول و ابقي اعمل اللي انت عايزه، و اول ما حصلت علي الثانوية العامة حاولت الالتحاق بمعهد السينما و لم انجح في ذلك عشان رفضت اجيب واسطة ثقتاً في إمكانياتي و معلوماتي السينمائية، و لانها مصر يا عبلة كان صادماً لي ان البس إمكانياتي و معلوماتي دول و ماتاخدش في المعهد. و بعدها مابقاش فارقلي ادرس ايه و لا ادخل كلية ايه رغم ان مجموعي كان كويس وقتها. بينما اصر ابي ان التحق بالجامعة الامريكية رغبتاً منه في ان اتعلَّم كويس مع ان ذلك كان سوف يكلفه مبالغ طائلة هي مصاريف الجامعة الامريكية بالمقارنة بالجامعة المصرية اللي العلام فيها ببلاش تقريباً.
و كانت الجامعة الامريكية و مازالت بتعمل امتحانين قبول من اجل الحد من اعداد المتقدمين لها، و كان موعد الامتحان في التاسعة صباحاً. ليلة الامتحان جائني صديق من اللي كانوا معايا في المدرسة و فاجئني انه حصل علي تذكرتين لمسرحية (عشان خاطر عيونك) بتاعة شريهان، شريهااااان، فاهمين يعني ايه شريهان ؟ يعني فتاة الأحلام، يعني البهجة، يعني الرقص و الغنا و الطاقة و الحيوية، يعني اكتر حاجة بابقي سعيد و انا باتفرج علي فوازيرها و افلامها في الوقت ده.
ألمهم، اخبرني وائل صاحبي اني اول من خطر في باله طبعاً لما لقي معاه تذكرة زيادة علي اعتبار ان انا فنان الشلة منذ قديم الازل، و لم أتردد ثانية في قبول الحصول علي التذكرة اللي هاتدخلني الجنة لمدة اربع ساعات هامتع فيهم كل حواسي بشيري البديعة، بغض النظر عن اني لازم اصحي تاني يوم الساعة سبعة الصبح عشان امتحان الجامعة الامريكاني. و رحنا المسرحية و عشت المتعة و ضحكت و تراقصت و غنيت معاها استعراضات المسرحية اللي كنت حافظها لأنها لم تكن المرة الأولي اللي باشوف فيها المسرحية، بل الخامسة !!! و بعد ما خلصت المسرحية جرجرت وائل صاحبي ورايا و رحنا علي باب الفنانين عشان نشوفهم و هما خارجين و املي عنيا بيهم و بالأخص بالساحرة شيري لمدة دقيقتين إضافيتين هما زمن خروجها من الباب لركوبها العربية، و وقفت انا و وائل وسط شوية مهاويس زي حالاتي نتابع النجوم فؤاد المهندس، و سهير الباروني، و المنتصر بالله و غيرهم و هم ينصرفون مروحين. و لم تخرج الديڤا، و لم يخرج محمود الجندي.
و ظللت منتظراً مذنباً وائل معي في انتظار ظهور البدر لمدة طويلة انصرف خلالها كل من كنّا نقف وسطهم يائسين نظراً لعدم اطلال البدر علينا، و وسط إلحاح وائل عليا بأن ننصرف و رفضي الاصغاء له و نحن علي وشك ان نتخانق، فوجئت براجل محترم شكله مش غريب عليا داخل من باب الفناين الذي نقف بجواره، دققت في ملامح الرجل فاكتشفت انه النجم فاروق الفيشاوي. و وسط ما انا مبهور باني شفته معدي قدامي، وقعت عيناي علي شباك رأيت خلفه حركة مش واضحة.
جريت ناحية الشباك و وائل في ديلي بيسبلي و بيلعن اليوم اللي قرر ياخدني فيه معاه المسرحية. و إذ بي افوجئ ان الشباك اللي قدّامه من بره كام سلمة عاليين، لما طلعتهم، فوجئت ان الشباك ده هو شباك أوضة شيري، و بوضوح تام لقيتني باتفرج من خلال الشباك اللي اتحول بالنسبة لي لطاقة القدر علي شريهان و محمود الجندي و قد انضم اليهم فاروق الفيشاوي و هما قاعدين بيضحكوا و بيتسامروا بكلام مش عارف اسمعه طبعاً في جلسة أصدقاء. و مر الوقت و انا مشدوه اتابع بكل حواسي هذا الفيلم الصامت دون كلل او ملل، و نقلت العدوي لوائل الذي توقف عن الالحاح بالانصراف و ظل يتابع معي شيريهان و النجمين و نحن نحاول تخمين الحوار الذي يدور بينهم و ما يمكن ان يكونوا بيضحكوا عليه…
و انتهي الفيلم الشيق الذي نتابعه من شباك النجمة في حوالي الخامسة صباحاً، و انصرف الثلاثة و وقفت في الظلام اتابع معشوقتي و هي تركب سيارتها و تنصرف دون ان أجرؤ علي الاقتراب او توجيه اي كلمة او حتي ايمائة لها… و عدت الي بيتي و نمت مبتهجاً و انا مازلت تحت تأثير الحلم اللي كنت فيه. و لم استيقظ في السابعة، و لم ادخل الجامعة الامريكية، و دخلت كلية التجارة في جامعة القاهرة زيي زي اي خروف وسط القطيع اللي ماتعرفلوش بداية من نهاية، و الحق اني ابداً لم أندم علي اني مادخلتش الجامعة الامريكية اللي ضحيت بيها عن طيب خاطر، عشان خاطر عيونك ️️️
