النصف الثانى من رمضان بدأ لتنشط غُدة الرغبة فى التفوق لدى النجوم، كل منهم يريد أن يحظى بلقب الأول، الأمر ليس صعبا على الإطلاق، الحضور عادة لأى حفل يكفى لتدشينه كأفضل نجم من خلال (فبركة) استفتاء تُعلن نتيجته فى غضون ساعات قليلة.

دائما ما تتكرر تلك الواقعة، إحدى القنوات التليفزيونية أجرت استفتاءً عن أفضل ممثل وممثلة ومخرج ومسلسل، يبدأ التفاوض مع الفائزين على المجىء للاستديو للتصوير مجانا. طلب بعضهم مقابلا ماديا، بينما آخرون اعتذروا لارتباطهم بمواعيد مسبقة، فما كان من القائمين على القناة لحفظ ماء الوجه سوى تغيير نتيجة الاستفتاء، ومنح الجائزة لكل من وافق على الحضور وفى اللحظات الأخيرة، أعادت القناة التسجيل مع عدد من الجمهور ليؤكدوا أنهم اختاروا هؤلاء وهكذا تبدو القناة أنها بالفعل تكرم من يستحق. لو راجعت كل ما نشر فى الجرائد والملاحق الصحفية الفنية عن الجوائز التى تمنح للأفضل لاكتشفت أن كلا منها انتهى إلى استفتاء يتناقض تماماً مع الآخر، من يحصل على رقم صفر فى جريدة ترفعه الأخرى إلى سابع سماء، ومن وصل إلى المركز الأول فى موقع نراه وقد ألقى به استفتاء آخر إلى ذيل القائمة.

ولن يتوقف الأمر عند ذلك الحد، ولكن تابعوا معى ما سوف يحدث فى الأيام القليلة القادمة إذا لم يكن قد حدث بعض منه فى الساعات القليلة الماضية، وهو عدد من الجمعيات والتجمعات والنقابات والجرائد والمجلات تستضيف نجوم الدراما فى رمضان وكل أسرة مسلسل تأتى إلى تلك القناة أو الجمعية أو الجريدة تحصل على جائزة باعتبارها الأفضل لنكتشف أن الكل كان الأول، وأسأل وأنت أيضاً بالتأكيد تسأل أين إذن الثانى؟ لماذا لم يأت ذكره بين كل هؤلاء الأوائل، وإذا كان الحال كذلك وكلهم أوائل، فلماذا إذا غضب أغلب المشاهدين من سوء مستوى العدد الأكبر من مسلسلات رمضان؟!.

لم تعرف مصر إقامة ندوات رمضانية للمسلسلات إلا قبل 30 عاماً فقط لا غير، وكنت أنا أول من بدأ الفكرة من خلال نقابة الصحفيين، وتحديداً اللجنة الثقافية التى كان يرأسها الكاتب الكبير وصديقى الراحل «مجدى مهنا»، كنت أنا مسؤولاً عن النشاط السينمائى والتليفزيونى، لم يكن الهدف هو التكريم، فلم نكن نمنح شيئاً لمن يحضر ولا حتى شهادة تقدير ورقية، ولكن كان هدفنا النقاش المفتوح بين الصحفيين وصناع الأعمال الفنية، والتى كانت تحرص على نقلها محطات التليفزيون الرسمية قبل انتشار الفضائيات الخاصة، كما أن زملائى الصحفيين كانوا يعتبرون وقتها أن هذه الندوات هى الحدث الأهم ولهذا كانت تحتل المساحة الأكبر فى التغطية الصحفية.. كل هذا أسفر مع الزمن عن ترسيخ تلك القاعدة من خلال ندوات التى أزعم أنها كانت جادة ولم تضع أبداً فى حسابها تكريم النجوم بقدر ما كان الهدف هو النقاش الفكرى المفتوح، وهكذا استضفنا مسلسلات بحجم «ليالى الحلمية»، «رأفت الهجان»، «هو وهى» و(الراية البيضاء) و(حسن أرابيسك) وغيرها. إلا أنه ومع انتشار الفضائيات اختلفت الأمور وضاعت الحقائق وبدأ النجوم يبحثون عن التكريم والدرع والصورة من أجل الدعاية لأنفسهم، ولم يعد لندوات النقابة بعد هذا السيل المنهمر من الندوات المماثلة أى جدوى وأوقفت هذا النشاط الثقافى!.

الجمهور ليس كما يعتقد هؤلاء النجوم يصدق كل من يحمل فى يده جائزة، الناس لديها أيضاً فى مشاعرها (ترمومتر) لا يعرف المجاملة ولا الحسابات، استفت قلبك وإن أفتوك!!.